يبدأ يومي الساعة الخامسة صباحاً أستيقظ وأتوضأ وأصلي ثم أرتدي ملابسي وأجهز نفسي لركوب الباص الذي سيمرني الساعة السادسة إلا ربع.. وفي الطريق أمر علي مركزي جوازات للسعودية والكويت وفي كلاهما أكثر شئ أكرهه هو تلك النظرات من موظف الجوازات الذي يسلطها علي وكأني فعلت شيئا منكرا .. كم وددت عدة مرات أن أقول له ( نعم خير شعندك)؟..لكن خانتني الشجاعة في كل تلك المرات..بعد الجوازات ينطلق بنا الباص لمدة ساعة أحصل فيها علي إغفاءة قليلة أريح بها بعض الصداع المجنون الذي يكاد يفجر رأسي من قلة النوم..يوقظني صوت السائق عند وصولي لمدرستي التي توجد في إحدي ضواحي العاصمة..وعلي الرغم من عملي لأكثر من سنتين في هذه المدرسة لم أستطع الإندماج أو تكوين علاقات مع أي من المدرسات الكويتيات..السبب أنهن يعشن في كوكب ثاني..يزعجني كثيراً مبالغتهن في إرتداء الملابس الغالية ( التي لا أحلم بها )..بل أن بعضها يعادل راتبي الشهري بالكامل ..هذا الأمر يسبب لي الكثير من الإحراج وعدم الراحة حتي أنني في الكثير من الأحيان أشعر أنني ( فقيرة جداً ) عندما أقارن ملابسي بملابسهن..لكنني أرجع وأهدئ نفسي بتذكيرها في الهدف من تغربي للعمل هنا..هدفي هو بسيط جداً..أساسيات الحياة ولا شيئ غيرها..السكن الملائم ..الأكل النظيف..الملابس المعقولة..حياة كريمة تحترم إنسانيتي فقط لا غير..
تصر بعض زميلاتي علي قائد السيارة التي توصلنا علي التوقف عند أماكن التسوق الإستهلاكية في العاصمة الكويت والتي يطلقون عليها ( الجمعية التعاونية)..قاومت كثيراً النزول معهم وفضلت البقاء في السيارة لكن في أحد المرات قررت النزول والدخول الي الجمعية من باب الفضول..كأنني طفل دخل مغارة الكنز..لم أصدق ما رأيت..آلاف البضائع موضوعة بترتيب وتناسق جميل علي عشرات الأرفف..لم آخذ أشياء كثيرة فقط بعض الحلويات لأطفالي..لكن صعقني المحاسب حين قال لي السعر..تحاملت علي نفسي وأعطيته الفلوس ولم أرد إرجاع بعضها لشعوري بالإحراج الشديد من بعض الكويتيين الواقفين في الطابور خلفي وأغلبهم بالكاد يدفعون عرباتهم من جبل الأغراض التي وضعوها عليها..توبة..لن أشتري من هذا المكان مرة أخري..
رحلة العودة هادئة جداً..( واصلين حدنا ومحد له خلق أحد)..صمت طويل جداً يشتكي منه سائق السيارة ..الذي يهددنا مازحاً..هدوئكم سيجعلني أنام وأتا أقود السيارة..لكنه في إحدي المرات لم يكن يمزح..فقد نام وهو يقود السيارة..
عملت في الكويت.. وهناك لقيت حتفي..هذي هي قصتي.
نقطة أخيرة : لم يمر علي المملكة العربية السعودية ملك أكرم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره وأمده بموفور الصحة والعافية ..مع كل الحب والإحترام للملوك الراحلين طيب الله ثراهم..وانشاء الله جزء من هذه الميزانية العملاقة سيستخدم لإيجاد فرص عمل طيبة وكريمة للمعلمات السعوديات في وطنهن الحبيب السعودية تغنيهم عن الغربة والطريق الخطر الطويل.---------------------
***
القصة السابقة وشخصياتها هي من خيال الكاتب وليست قصة حقيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق