الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

كانت قلوبهم تغسل المطر

           أثارت بي حبات المطر المتساقطة ذكري قوم عشت أيامهم منذ أمد بعيد..كانت قلوبهم تغسل المطر.. ومرازيم بيوتهم تنثر علي الشارع طيبة وبراءة ونقاء..كافحوا شظف العيش بنفوس راضية علي المقسوم..يمضي جل يومهم في عملٍ لا يكلون منه ولا يملون..مقابل أجرٍ بسيط يضع بعض اللقيمات علي موائد بيوتهم البسيطة..لا طمع ولا حسد بل رضي وقناعة ونفوس أبية زكية تبذل روحها في تلبية نداء جار في أزمة أو قريبٍ في ورطة..الفزعة كانت لهم عنوان كبير.. أتي بعدهم أقوام نزع الله البركة من أيامهم وساعاتهم حتي أنها تمضي كالدقائق والثواني وهم لا يعلمون..يأكلون ولا يشبعون..يلبسون ولا يكتسون..تنهال عليهم آلاف الدنانير كمداخيل شهرية ومع ذلك هم في فقر وعوز دائم..زانت لهم الدنيا بكل ملذاتها وخيراتها..رغم ذلك هم في عبوس لا ينتهي وتذمر لا يختفي.. نقطة أخيرة:      وافد في أواخر الخمسينيات من عمره إعتدت علي رؤيته في أحد محلات الطباعة في الفروانية ..بينما نحن الإثنين في انتظار دورنا دار بيننا حديث كان هو المبادر به..يقول بلهجة بلده المحببة التي إصطبغت بقليل من اللهجة الكويتية ( تصدق بالله عندما أعود لبلدي أحس بالإختناق ويغلبني إحساس شديد بالحنين للكويت التي عندما أعود إليها تعود لي قدرتي علي التنفس بشكل طبيعي )..يكمل قائلا ( أحببت هذا البلد الصغير..أحببت أهله الطيبين..عشقت الجو العائلي الحميم الذي يغلف العلاقات بين أهله..إعتدت علي الأمان الإطمئنان والهدوء والسكينة التي تميز لياليه..وأبواب الرزق الحلال التي تفتح ذراعيها في نهاره).. يكلمني هذا الوافد وكأني أري بداية دموع تحاول جاهدة الخروج من عينيه لكنه يمنعها.. عجيب أمر هذا الوطن الصغير..وقع في حبه مئات الآلاف من الأجانب واختاروا العمل والعيش..يعشقون ترابه ويقدسون هوائه وفي نفس الوقت أهل هذا الوطن وأبنائه لا يقدرون نعمة هذا الوطن الصغير الجميل..منشغلين عنه بصراعات لا تنتهي وخلافات لا حل لها..مرات أتساءل..هل نستحق هذا الوطن الصغير الجميل؟ تحيرني الإجابة لكنني متأكد أنه لا يستحق ما نفعله به...نداء للجميع لنهدأ قليلاً ونحب هذا الوطن الصغير الجميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق